مقتطف من رواية طريق الآلام
صبحي الزبيدي
حنان
مسكينة حنان، ميلادها كان صعب وها هو موتها يجئ أصعب. عندما جاءت للدنيا، خرجت من بطن امها كأنها ناجية من حادث سير مروع، اضلاعها مكسورة، تنفسها صعب وشكلها مريع. الاطباء كما تقول امها لم يتوقعوا لها ان تعيش أكثر من يوم، ولكنها عاشت ثلاثين سنة، عاشتها وهي تلعن كل يوم في الثلاثين سنة. الحمار الذي كانت تركبه كان أكثر حظا منها وأكثر سعادة كما كانت تقول.
اليوم ماتت حنان، شربت سم ديتول مزق امعاءها تمزيقا، لمدة ثلاث ساعات وهي تدور في الحارة مثل الحيوان الذبيح، تصيح وتلعن ابوها وامها والجيران والرب الذي خلق كل هذه الامة الزبالة. كانت هذه اطول ثلاث ساعات في حياة كل من شاهدها قبل ان تسقط على الارض ويختفي صوتها الى الابد. ظلت تعيد نفس الجملة الشتيمة،
-يا شراميط، يا اولاد الشراميط بدي اموت وارتاح منكم
الناس واقفين ومصدومين، لا يصدقون اعينهم ولا آذانهم
-رأيتم كيف كان وجهها كأنه الشيطان دخل في بطنها يا لطيف
-مسكية حنان
-مسكينه حنان الله يرحمها
الناس في الحارة دايرين وليس على لسانهم سوى هذه الكلمات، مسكينة حنان، مسكينة حنان. صارت كلمة مسكينة كأنها لقب حازت عليه حنان بجدارة. اعرف ان كل هؤلاء لم يكونوا يشفقون على حنان بل على أنفسهم من منظرها المريع وهي تتمزق من الالم. انا الوحيد الذي شعر بالحزن والغم عليها لان بيني وبينها كانت علاقة لا يعلم بها الا الله. منذ امسكت بي في خم الدجاج مع انتصار بنت الجيران اصبحت وكأنني رهينة في يديها. انتصار كانت أجمل بنت في الحارة وانا كنت أبشع ولد ولكني كنت اشطر ولد في المدرسة في قواعد اللغة العربية والرياضيات. في يوم من الايام جاءت ام احمد الى بيتنا ومعها ابنتها انتصار وعلبة بسكويت كبيرة. طلبت من امي ان تطلب مني ان اساعد انتصار في دروس القواعد ،انا وافقت فورا وبسعادة. كل الاولاد كانوا يتمنون ان تلقي انتصار عليهم ولو نظرة واحدة، ولكنها كانت خجولة وخائفة. امي فرشت لنا حصيرة على سطح البيت واحضرت لنا ابريق شاي وصحن بسكويت.
جلسنا متقاربين، اقدامنا الحافية ممدودة امامنا وكتاب القواعد في حضنها. فجأة شعرت بقدمي تلامس قدمها، نظرت اليها ورأيت كيف أصبح وجهها احمر، والعرق يتصبب على جبينها، وصوتها اختلف. لم ابعد قدمي ولم تبعد هي قدمها. صارت اقدامنا ملتصقة، وجهها الابيض صار احمرا مثل حبة بندورة، صدرها الصغير النافر يعلو ويهبط بسرعة، فجأة وبدون تفكير وضعت يدي على رجلها، هي تخفي وجهها في الكتاب تحاول التركيز، وانا أسحب فستانها الى اعلى بطرف اصابعي، الى أن شعرت بيدي بين رجليها. رمت انتصار الكتاب من يديها، اغلقت عينيها ورمت رأسها الى الوراء مثل من يفقد الوعي.
من يومها صرنا نختبئ في خم الدجاج، نتظاهر بالدراسة ولكننا نقضي الوقت ويدي بين فخذيها وعلى صدرها. لم نكن نفعل اي شيء آخر، ولكن في احدى الايام وافَقَت ان تداعب أيري بيدها، وما ان فعلت حتى احسست بمادة لزجة ساخنة تملأ حضني. فجأة فتح الباب بعنف ودخلت حنان مثل فرقة كوماندوس. عندما رأيتها انتفضت واقفاً بدون تفكير، ورأيت كيف تسمرت عيناها على البقعة الكبيرة على بنطالي. نظرت الى الاسفل، وأدركت حجم الكارثة التي حلت بنا. لكزت انتصار التي كانت لا تزال مستلقية على ظهرها في نصف أغماءه،
-قومي من شان الله
رفعت انتصار رأسها وما ان رأت حنان حتى طارت مثل دجاجة تهرب من الذبح. وقفت انا وحنان، هي تنظر الى البقعة الكبيرة وانا بانتظار ما ستفعل
-بتشرمطوا يا منايك، والله غير كل الحارة تعرف وكل المخيم يا شراميط
-من شان الله يا حنان بتخربي بيتنا، استري علينا
-استر عليكم وانتوا بتنيكوا بعض، والله لأفضحكم يا اولاد المفضوحات
-سأفعل اي شيء تطلبيه مني، فقط لا تخبري احد، من شان الله
-شو بدك تعمل لي يعني ها؟
– اي شيء تطلبيه، بزرع معك، بسوق الغنمات، بحمل التبن،
-ومين قال لك اني بدي مساعد في الشغل، انا بشتغل عن عشرة رجال
-انت اطلبي اي شيء، فقط لا تخبري امي او اي حدا ثاني
سكتت حنان لحظة، اقتربت مني وهي تنظر الى البقعة الكبيرة على بنطالي
-شو كنتوا تعملوا
-كنا ندرس
-ما بدك تحكي، بلاش، انا رايحة
-انتظري، ماذا تريدين ان تسمعي
-احكي بالتفصيل، كل شيء عملتوه وكيف صارت هذي البقعة على بنطلونك.
من يومها اخدتني حنان رهينة، كل يوم او يومين نلتقي في خم الدجاج تجلس بجانبي، تمسك بيدي وتضعها بين رجليها. بعد دقيقة او اثنتين تنام على ظهرها وتبدأ بإصدار اصوات غريبة. في البداية كانت تضع يدي من فوق ملابسها، ولكن اذكر كان يوم جمعة، الكل في الصلاة وانا وحنان في خم الدجاج. رفعت فستانها وامسكت بيدي ووضعتها من تحت سروالها، لامست يدي شعر كثيف وخشن مثل صوف الخروف. صارت تمسك إصبعي بيدها وتغرسه داخل فرجها ثم تسحبه، صارت تعيد نفس الحركة بسرعة، اشعر بتعب والم في يدي ولكني لا أستطيع ان اسحب يدي منها. فجأة احسست بمادة لزجة تملأ فرجها، صاحت مثل بقرة مذبوحة ثم اغمضت عينيها وارتمت. احسست برهبة وخوف، تركتها مستلقية وهربت.
انا كان عمري حينها ١٣ سنة وهي تكبرني بسنوات، لم تكن تعرف تاريخ ميلادها، لم تذهب الى اي مدرسة في حياتها. منذ صغرها وهي تشتغل في الحقل مع ابوها وترعى المواشي. كانت تفلح وتزرع وتحصد وترعى الاغنام وتعتني بالحمارين والبغل. كانت تبدأ الشغل كل يوم بعد صلاة الفجر ولا تنتهي منه حتى صلاة العشاء. لم تأخذ يوم راحة ولا يوم اجازة ولا يوم عيد، كل يوم بعد صلاة الفجر نسمع صوت الاجراس المعلقة على ارقاب المواشي وهي تسوقها امامها الى الحقل. حنان لم تعرف طعم الراحة كأن الله خلقها لهذه المشقة، وطاقة اللذة الوحيدة التي فتحها لها الله كانت على يداي. انا الوحيد الذي عرف ان حنان امرأة، انثى مثل كل الاناث لها صدرين نافرين وفخذين ناعمين وفرج اذا لامسته يصبح لزجا ومتوترا. انا الوحيد الذي سمع اصوات اللذة تلك تصدر منها. هذا سري الذي لا يعلم به أحد الا الله وهذا ما يجعلني أقرب الناس لها.
لم يكن في شكلها الخارجي اي انوثة تذكر، شعرها ناشف ومنكوش، وجهها خشن، يداها صلبتين. في البداية كنت اشعر بقرف واشمئزاز من شعر عانتها الكث ورائحتها التي تزكم الانف. ولكني تعودت على كل ذلك بل اصبحت استمتع انا ايضا. في إحدى المرات داعبت فيها أيري فقذفت من تحت بنطلوني، فزعت هي من ذلك وصارت تطلب مني ان افك ازرار البنطلون. تمسك ايري بيدها وتضعه بين رجليها وتحركه بشكل رتيب، تدخل راسه في فرجها ولكن بيدها تمنعه من الولوج، تصيبني هستيريا اللذة فادفع به داخل فرجها تدفعني وتصيح في وجهي
-يلعن ابوك يا ابن الكلب، بدك تفتحني
اليوم ماتت حنان، شربت سم ديتول مزق لها امعائها شر تمزيق، ثلاث ساعات وهي تدور في الحارة مثل الحيوان الذبيح، تلطم وجهها وتشتم ابوها وامها وكل العالم الخراء من حولها. وهي تموت كانت وكأنها تريد ان يراها كل الناس، كانت تريد ان تعاقبهم بهذا المشهد المريع وتريد لهم ان يتألموا كما تألمت هي طوال عمرها. في المقهى الرجال يلعبون الورق ويتحدثون عن الموضوع باقتضاب كأنه من الممنوعات. ابو العبد يأخذ رشفة شاي ونفس طويل على السيجارة ثم يقول بصوت خافت،
-اي والله الحمار لا يطيق العيشة مع ابوها. عليَْ الطلاق ما بلومها، والله إنها بتفهم وحساسة اللي فضلت تمْوَت حالها على هالعيشة اللي بتقصر العمر.
-اتق الله يا ابو العبد، قتل النفس حرام، الانتحار حرام مهما كان السبب. كيف بدها تلاقي وجه ربها مثل هيك؟
-هات، لاقي حدا يصلي عليها هلقيت
-استر على الناس الله يستر على حريمك
-غيروا هالسيرة من شان الله
اهرب من عند الرجال في القهوة الى الحارة، اسمع امها تولول
– ديتول يا وردي حرق لها معدتها، يا وردي يا امه يا حبيبتي.
امها تذكرتها الان، تذكرت ان لها بنت اسمها حنان، مع انها كانت تراها كل يوم الا انها لم تنتبه لوجودها البائس. لم يسألوها ابدا ان كانت تحتاج ليوم من الراحة، او ان كانت مثل باقي البنات تحب ان تشتري فستانا جديدا ليوم العيد. ام احمد بقيت تعيد وتهلوس طول اليوم،
-يا وردي عليكي يا حبيبتي ما شفتي يوم مليح في حياتك، ديتول مزع بطنها،
وكلما كررت كلمة ديتول كانت وكأنها تعيد المشهد من جديد. يصيبني هلع من العويل فأعود الى المقاهي لأتابع حروب الرجال الوهمية على طاولات الورق. اسمع ما يقولون هنا وهناك وانا متباهي بسري الذي لا يعلمه أحد غيري. الغريب ان رائحتها لم تفارقني طوال ذلك اليوم، بالرغم من حزني كان ايري منتصبا طوال الوقت، رائحة ابطها وفرجها كانت تزكم انفي. مارست العادة السرية ثلاث مرات متتالية حتى شعرت بألم في قضيبي.
في الجنازة كنا خمسة اشخاص فقط، ابوها واثنين من اخوتها وشيخ المسجد الذي وافق ان يصلي عليها مقابل رطل لحمة. ابوها واخوتها ينظرون الي ولا يعرفون لماذا انا موجود هناك. انا لا اعرف لماذا انا موجود هناك، ولكنني بقيت واقفا حتى رأيتهم ينزلون جثمانها في الحفرة العميقة. بسرعة قرأ الشيخ بعضا من سور القرآن، وخلال دقيقتين طمر الاخوين الحفرة بالتراب. كان الكل صامتا، الوقت كان عصراً، الشمس ناعمة والارض ناشفة والقبور موزعة بعشوائية واشواك كثيرة نبتت بينها. كثير ما لعبت واصحابي قريبا من المقبرة ولكني لم اشاهد عملية الدفن ولا مرة، مع انه كانت لدي رغبة غريبة بذلك. الان رأيتها، رأيت كيف انزلوا الجثمان الملفوف بالقماش الابيض في الحفرة، ورأيت اخوتها يهيلون التراب بسرعة وكأنهم يريدون اخفاء جريمة ما. لم يتركوا اي اشارة على القبر، لا شاهد ولا غصن نخيل اخضر، ولا شيء ابدا. لم يدفنوها فقط بل مسحوها عن الوجود ومن الممات. كل القبور حول قبرها عليها شواهد واسماء وتواريخ ميلاد ووفاة الا قبر حنان لم يكن يشير الى شيء. فجأة احسست برعب شديد ورغبة في البكاء. ركضت بسرعة، في البيت وضعت رأسي في حجر أمي ونمت.